متلازمة جيلن باري والنطق الأصح لها "جيان باري" أو جيا-باري" (بالإنجليزية: Guillain-Barre syndrome) هي مرض نادر، فيه يبدأ جهاز المناعة بمهاجمة خلايا الأعصاب مما يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض في أماكن مختلفة من الجسم مثل الضعف والتنميل.
هذا الشعور يمكن أن ينتشر سريعاً ويمكن أن تؤدي إلى شلل تام في الجسم، وفي الحالات المتقدمة من متلازمة جيان-باري يجب نقل المريض إلى قسم الطواريء في أقرب مستشفى للحجز وتلقي العلاج المناسب.
تم تسمية المتلازمة نسبة إلى الطبيبين اللذان وصفا أعراضها وهما دكتور "عبد الباري" ويُكتب "باري" اختصاراً وزميله الطبيب "جيان", والمقصود بكلمة "متلازمة" هي مجموعة أعراض غير مرتبطة ببعضها في أنحاء مختلفة من الجسم.
ما أعراض متلازمة جيان باري؟
تبدأ أعراض المتلازمة عادةً بالتنميل وضعف العضلات في القدم والساق، ثم تنتشر إلى أعلى حتى الذراعين.
بعض المرضى تبدأ عندهم الأعراض في الوجه أو الذراعين.
مع تفاقم متلازمة جيلن-باري، يتحول ضعف العضلات إلى شلل تام.
قائمة أعراض المتلازمة تشمل ما يلي:
- شعور بوخز الإبر أو الدبابيس في أصابع اليد أو أصابع القدم أو في الكاحل أو في المعصم.
- ضعف في عضلات الساقين يمتد إلى عضلات الجزع.
- عدم انتظام المشية، أو عدم القدرة على المشي أو صعود السلالم.
- صعوبة في حركة عضلات الوجه، ينتج عنها صعوبة في الكلام أو المضغ أو بلع الطعام.
- ضعف أو عدم القدرة على تحريك العينين يؤدي إلى ازدواج الرؤية
- ألم شديد يمكن أن يكون على شكل وجع أو "نقح" أو على شكل تقلصات وتزداد شدته أثناء الليل
- صعوبة في التحكم في البول والبراز
- زيادة سرعة ضربات القلب
- تقلبات في ضغط الدم بالارتفاع أو الانخفاض
- صعوبة في التنفس
مرضى "جيان-باري" يعانون أقصى درجات الضعف العضلي غالباً بعد مرور أسبوعين على بدء الأعراض.
الأسباب والعوامل المهيئة
السبب الحقيقي لمتلازمة جيان باري غير معروف حتى الآن، فالمرض يبدأ عادةً بعد أيام أو أسابيع من عدوى بالجهاز التنفسي أو نزلة معوية.
في
حالات نادرة، يبدأ ظهور المرض بعد عملية جراحية ما أوبعد تعاطي تطعيم معين
(لقاح)، كما إن هناك بعض الحالات الموثقة حدثت بعد عدوى بفيروس "زيكا".
يمكن أن تحدث متلازمة جيان-باري بعد عدوى فيروس كورونا المستجد (Covid-19)، كما إنه في حالات نادرة يمكن أن يظهر بعد تلقي جرعات من تطعيم جونسون أو أسترازينيكا لفيروس كورونا.
كيف تحدث متلازمة جيان باري وما العوامل التي تُهيىء حدوثه؟
يمكن اعتبار "جيان-باري" أحد أمراض المناعة الذاتية،
التي يحدث فيها اضطراب في وظائف جهاز المناعة، فبدلاً من أن يهاجم الجهاز
المناعي الميكروبات والأعداء الخارجيين ينقلب ليهاجم خلايا الجسم نفسه.
في متلازمة جيان باري، يبدأ جهاز المناعة في مهاجمة الأعصاب وتحديداً يسبب تدمير الغشاء الميليني المغلف للأعصاب (myelin sheath).
تدمير
الغشاء الميليني يجعل الأعصاب تفقد القدرة على توصيل الإشارات العصبية إلى
المخ وبالتالي تفشل وظيفتها سواء حسية أو حركية فيحدث الضعف العضلي وضعف
الإحساس والتنميل.
تشمل العوامل المهيئة للمتلازمة ما يلي:
- عدوى بكتيريا "كامبيلوباكتر" (campylobacter) وهو نوع من البكتيريا التي تتواجد في لحوم الدواجن غير المطهية جيداً، وهذا هو العامل الأشهر لذلك يجب طهو الدجاج جيداً للتأكد من قتل هذه البكتيريا.
- فيروس الإنفلونزا
- فيروس تضخم الخلايا "سيتوميجالو" (Cytomegalovirus)
- فيروس إبشتاين بار
- فيروس زيكا
- التهاب الكبد الوبائي أ أو ب أو ج أو د (A, Bc C or E)
- فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)
- بكتيريا مَيكوبلازما المسببة للالتهاب الرئوي
- التعرض لعملية جراحية
- الإصابة في حادث
- سرطان الليمف (ليمفوما)
- تطعيمات الأطفال وتطعيم الإنفلونزا في حالات نادرة
- فيروس كورونا المستجد (Covid-19)
- تطعيم فيروس كورونا من شركتي "جونسون أند جونسون" و"أسترازينيكا"
المضاعفات
للأسف، كثير من المضاعفات التالية تحدث لمرضى متلازمة جيان باري:
- مشاكل صعوبة التنفس: إذا امتد الضعف العضلي أو الشلل إلى عضلات التنفس، وهي إحدى المضاعفات القاتلة. حوالي 22% من مرضى "جيان باري" يحتاجون إلى التنفس الصناعي في الأسبوع الأول من حجزهم بالمستشفى.
- ضعف الإحساس: معظم المرضى الذين يُشفون من المرض تتبقى لديهم بعض الآثار مثل التنميل وضعف الإحساس وبعض الضعف العضلي.
- مشاكل القلب والأوعية الدموية: اضطرابات الضغط بين الارتفاع والانخفاض واضطرابات نبضات القلب من المضاعفات الشائعة.
- الألم الشديد، ويعاني منه مغظم مرضى متلازمة جيان باري
- ضعف التحكم في المثانة البولية وضعف حركة الأمعاء
- الجلطات: تزداد نسبة حدوث الجلطات لدى المرضى الذين يمنعهم المرض من الحركة لفترات طويلة، لذلك يصف لهم الأطباء أدوية سيولة لحين التمكن من الحركة.
- قرح الفراش نتيجة النوم وعدم الحركة لفترات طويلة
- الانتكاسة: نسبة ضئيلة من مرضى جيان باري يعود إليهم المرض من جديد بعد الشفاء.
كلما
كانت الأعراض الأولية في بداية الإصابة بمتلازمة "جيان باري" قوية، زادت
نسبة حدوث المضاعفات، والموت يحدث في حالات نادرة بسبب فشل التنفس.
التشخيص والعلاج
من
الصعب تشخيص متلازمة جيان-باري مبكراً في بدايتها لأن الأعراض تتشابه مع
أعراض العديد من الأمراض العصبية الأخرى، كما إنها تختلف من شخص إلى آخر.
بعد أخذ التاريخ المرضي والفحص، يمكن أن يطلب الطبيب الفحوصات التالية:
- البزل من الحبل الشوكي القطني: حيث يتم سحب كمية صغيرة من السائل النخاعي واختبارها لقياس بعض التغيرات التي تحدث في متلازمة جيان باري.
- رسم العضلات: يتم غرس الإلكترود في العضلات المراد قياس قوتها لمعرفة نشاط العصب في تلك العضلات.
- رسم العصب
أساليب وخطوات العلاج
لا يوجد علاج واضح ومحدد لمتلازمة جيان-باري، لكن بعض العلاجات التالية تسرّع عملية الشفاء وتقلل حدة المرض.
تشمل تلك الأساليب ما يلي:
- العلاج بالبلازما: يتم فصل البلازما (وهي عبارة عن سوائل الدم بدون الخلايا) عن الخلايا معملياً، ثم يتم إعادة الخلايا مرة أخرى إلى جسمك حيث تستحث تصنيع المزيد من البلازما لتعويض المفقود وتصنع أجسام مناعية مضادة جديدة.
- العلاج بالمضادات المناعية: عن طريق حقن المريض بأجسام مناعية مضادة سليمة (Immunoglobulin) مستخلصة من دم أحد المتبرعين. يتم حقن تركيز عالي من المضادات المناعية لمعادلة وتدمير الأجسام المضادة التالفة التي تنشأ لدى مريض جيان باري.
هذان الأسلوبان متساويا الكفاءة، والجمع بينهما لا يقدم فائدة أكبر من استخدام أحدهما منفرداً.
- العلاج الطبيعي، من المهم تحريك الأطراف أثناء فترة العلاج سواء بمساعدة أحد أو عن طريق الأجهزة المساعدة مثل الكرسي المتحرك، وقد يطلب الطبيب المعالج جلسات علاج طبيعي أيضاً.
متى يتم الشفاء من متلازمة جيلن باري؟
يوجد تسلسل زمني معروف للاستشفاء من هذا المرض هو كالتالي:
- بعد ظهور الأعراض الأولية للمرض، تبدأ الحالة في التفاقم والسوء لحوالي أسبوعين.
- ثم تصل الأعراض إلى مرحلة "الهضبة" أي الثبات خلال 4 أسابيع.
- بعد ذلك تبدأ مرحلة الاستشفاء حيث تقل الأعراض تدريجياً على مدار 6-12 شهراً.
- في بعض الحالات يمكن أن تستمر مرحلة الاستشفاء حتى 3 سنوات.
بعد الشفاء من متلازمة جيلن باري:
- حوالي 80% من المرضي يستطيعون المشي بدون مساعدة بعد 6 أشهر من تاريخ التشخيص.
- حوالي 60% من المرضى يستعيدون القوة الحركية للعضلات بالكامل خلال سنة من التشخيص.
- من 5% إلى 10% من المرضى يتأخرون في الشفاء أو يحدث شفاء عير كامل.
- الأطفال الذين نادراً ما يصابون بتلك المتلازمة، يخفون منها بدون آثار في أغلب الحالات.
