نقص المناعة هو اعتلال الجهاز المناعي نتيجة فشل أو غياب عناصر المناعة الطبيعية مثل خلايا الدم البيضاء بأنواعها (الخلايا الليمفية والخلايا الملتهمة وغيرهم) أو الأجسام المضادة ونظام تصنيعها أو أي من مكونات الجهاز الدقيقة، وهذا الضعف إما أن يكون أولياً وإما ثانوياً كما سيأتي التفصيل والشرح.
تكمن خطورة نقص المناعة في أنه يجعل الجسم مستباحاً لأي ميكروب خارجي مهما كان ضعفه، وتستطيع الميكروبات الضعيفة أن تفعل في حالة ضعف المناعة ما لا تستطيع فعله إطلاقاً في الظروف الطبيعية، حتى إن الأمراض العادية تتحول إلى حالات شديدة الخطورة ومهددة للحياة.
أسباب ضعف المناعة
الكثير من حالات ضعف المناعة تكون وراثية وتنتقل للأبناء من أحد أو كلا الوالدين، وهي ناتجة عن اعتلالات جينية.
يوجد نوعان من ضعف المناعة، "النوع الأولي" وهو الذي لا يوجد له سبب ظاهر وتكون الأسباب "داخلية" (يحدث نتيجة خلل جيني غالباً)، و"النوع الثانوي" وهو الذي تكون له أسباب خارجية.
النوع الأوّلي تظهر أعراضه منذ الطفولة، بينما النوع الثانوي تظهر أعراضه في البالغين على الأغلب.
تشمل مسببات نقص المناعة عموماً ما يلي:
- مرض السكر: هو أحد أهم أسباب ضعف المناعة (النوع الثانوي)، لأن خلايا الدم البيضاء المسئولة عن المناعة لا تستطيع تأدية وظيفتها الكاملة في حالة ارتفاع سكر الدم وعدم قدرة الخلايا على الاستفادة منه.
- سوء التغذية ويشمل أيضاً تناول طعام غير صحي لفترات طويلة. سوء التغذية الذي يجعل وزن الشخص أقل من 70% من المفروض يؤدي إلى انعدام المناعة.
- مرض الإيدز وقد أصبح سبباً شائعاً في الأعوام الأخيرة نظراً لتزايد انتشار هذا المرض خصوصاً بعد شيوع الممارسات الشاذة وكلمة AIDS بالإنجليزية هي اختصار ل"مرض نقص المناعة المكتسبة".
مرض الإيدز - أحد أسباب ضعف المناعة - الأدوية المثبطة للمناعة مثل العلاج الكيماوي والكورتيزون وعمليات تعطيل نخاع العظام التي تسبق عمليات زرع الأعضاء، بالإضافة إلى العلاج الإشعاعي للأورام وبعض الأمراض الأخرى
- الأورام السرطانية: أي ورم خبيث يصيب النخاع الشوكي مثل اللوكيميا والورم الليمفي يمكن أن يسبب ضعف المناعة، لأن هذا الورم يُنتج خلايا دم بيضاء معطوبة غير قادرة على أداء وظيفة الخلايا الطبيعية.
بالنسبة لأسباب النوع الأولي من مرض نقص المناعة فهي تكون اعتلالات أو اضطرابات في الجينات المسئولة عن تصنيع نبروتينات المناعة والأجسام المضادة، وتختلف تلك الجينات طبقاً لاختلاف العضو المصاب من جهاز المناعة، وتُقسم تلك الاعتلالات كما يلي:
- نقص الخلايا "ب" (B cell deficiencies) أو نقص الأجسام المضادة للميكروبات
- نقص الخلايا "ت" (T cell deficiencies)
- نقص مشترك في الخلايا "ب" و"ت"
- نفص أو عدم اكتمال الخلايا الملتهمة (phagocytes)
- نقص أحد أو كل عناصر منظومة تصنيع الأجسام المضادة (Complement deficiencies)
- الحالات غير محددة السبب، حيث لا يظهر الجين المتسبب أو لا يُعرف الجزء المتعطل من منظومة تكوين المناعة
أول أعراض وعلامات نقص المناعة
- التهاب رئوي متكرر ومرتجع (كحة شديدة وحمى وإنهاك بدني عام)
- التهاب الشعب الهوائية المتكرر
- التهاب الجيوب الأنفية
- التهابات الأذن بأنواعها
- التهاب الأغشية السحائية
- التهابات بشرة الجلد
- عدوى والتهابات الأعضاء الداخلية (الأحشاء)
- أنيميا مع انخفاض تعداد الصفائح الدموية
- فقدان الشهية وآلام البطن المغصية والغثيان والإسهال المتكرر
- تأخر النمو وتأخر التطور البدني والعقلي
- أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي والنوع الأول من مرض السكر
- تكرار عدوى هربس بأنواعها مثل الهربس الأذني النطاقي
- التهاب المخ
- التشنجات العصبية المتكررة
ملحوظة: يجب العلم أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية خصوصاً إذا كان بدون وصف الطبيب، يمكن أن يُخفي أعراض وعلامات ضعف المناعة ويؤخر التشخيص ويضيع فرص العلاج المبكر
متى تشك في إصابة الطفل أو البالغ باعتلال أو ضعف المناعة؟
من المهم الانتباه إلى العلامات التي ترفع احتمالية وجود ضعف المناعة وتفريقها من الأمراض المشابهة، ذلك أن تكرار العدوى وحده لا يؤكد تشخيص ضعف المناعة خصوصاً في الأطفال في سن المدرسة الذين يصابون بعدوى الجهاز التنفسي بشكل متكرر (حوالي 10 مرات في السنة) ومع ذلك تكون مناعتهم طبيعية.
تكرار العدوى في الكبار أيضاً ليس دليلاً مؤكداً على ضعف المناعة، ذلك أن الكثير من البالغين يسيئون استخدام المضادات الحيوية وبعض الأدوية الأخرى ولا يكملون مدة العلاج وبالتالي تحدث مقاومة من البكتيريا للمضاد الحيوي ويصعب علاجه فيما بعد.
إذن، ما هي العلامات التي ترفع نسبة احتمال وجود ضعف في المناعة؟
يشك الطبيب في أن المريض (طفلاً كان أو بالغاً) يعاني ضعف أو نقص في المناعة الطبيعية، إذا تكررت إصابته بعدوى مختلفة وتوفرت فيها الخصائص التالية:
- تكون العدوى شديدة أكثر من المعتاد
- تظهر مضاعفات للعدوى
- تتكرر العدوى أو الالتهاب في أماكن وأعضاء مختلفة في جسم المريض
- تكون مقاومة للعلاج بشرط أن يكون العلاج الموصوف مكتوباً بواسطة الطبيب المختص المطلّع على أحدث التعليمات الإرشادية العالمية في تخصصه.
- أن يظهر في مزرعة البكتيريا أنواع غير معتادة من البكتيريا أو الميكروبات الأخرى
- إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني أعراض نقص المناعة
يجب أن نشك أيضاً في مرض ضعف المناعة في الرُضّع أو الأطفال الصغار الذين يعانون إسهالاً مزمناً مع ضعف أو توقف النمو، خصوصاً إذا كان سبب الإسهال فيروس غير معتاد أن يسبب الإسهال أو فطريات مثل فطر "Cryptosporidium"، وفي حالة وجود قرح بالفم لديهم.
نقص المناعة في كبار السن
كلما تقدم الشخص في العمر، أصبح جهاز المناعة أقل كفاءةً من فترة الشباب، نتيجة للعديد من العوامل مثل:
- نقص إنتاج خلايا المناعة من النوع "ت" (T).
- ضعف التغذية: هي مشكلة شائعة بين كبار السن وتتسبب في إعاقة عمل منظومة المناعة. يعتقد الناس أن نقص التغذية يعني تناول سعرات حرارية أقل من المطلوب فقط، لكن الحقيقة أنه يشمل أيضاً نقص عدد من العناصر الأساسية للتغذية، وأهم عنصرين بالنسبة للمناعة هما "الكالسيوم والزنك" ونقص هذان العنصران شائع في كبار السن نتيجة تناقص قدرة الأمعاء على امتصاصهما من الطعام العادي.
- الأمراض المزمنة: مثل مرض السكر وأمراض الكلى المزمنة والفشل الكلوي، وهي أمراض تنتشر بنسبة أكبر بين كبار السن.
أساليب علاج نقص المناعة
- التطعيم ضد الأمراض المعدية وإجرءات الوقاية
- المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات المناسبة عند حدوث العدوى
- العلاج بالأجسام المناعية المضادة
- عمليات زرع الخلايا الجذعية
- إعطاؤهم أجسام مضادة مُصنّعة على فترات عبر الوريد أو تحت الجلد، وهي أجسام مناعية مستخلصة من دماء أشخاص ذوي مناعة طبيعية.
- اتباع إجراءات نظافة شخصية صارمة، شاملة العناية الصارمة بالأسنان.
- عدم تناول أطعمة غير مطهية جيداً
- عدم شرب مياه ملوثة أو مشكوك في تلوثها
- تجنب القرب من أي شخص لديه عدوى في أي جزء من جسمه
اللقاحات التي تتكون من فيروسات أو بكتيريا مضعفة أو ميتة ممنوع إعطاؤها لمرضى ضعف المناعة في العموم لأنها يمكن أن تُسبب أمراضاً وعدوى هي نفسها [1].
المضادات الحيوية يجب أن تُعطى فوراً بمجرد ظهور أي علامة تشير إلى احتمالية حدوث عدوى بكتيرية، كما تُعطى كعامل وقائي قبل أي إجراء تداخلي في الأسنان وقبل أي إجراء جراحي في أي مكان بالجسم، وتُعطى أيضاً كعلاج طويل المدى في الحالات الشديدة.
زراعة الخلايا الجذعية
أسئلة شائعة وإجاباتها
ما الفحوصات والتحاليل اللازمة لتشخيص نقص المناعة؟
إذا شك الطبيب أن المريض لديه ضعف المناعة فإنه يطلب بعض الاختبارات (الفحوصات) من تحاليل دم وما شابه لتأكيد التشخيص أو استبعاده، من أهم تلك الفحوصات ما يلي:
- صورة دم كاملة: وهي أول تحليل يمكن أن يظهر اعتلالات خلايا المناعة.
- اختبارات الجلد: تُجرى إذا شك الطبيب في وجود نقص في الخلايا المناعية "ت" (T cells)، وفيها يتم حقن كميات ضئيلة من بروتينات بعض أنواع الميكروبات الشائعة تحت الجلد، إذا حدث تفاعل ضدها وظهرت على الجلد علامات الاحمرار والتورم والسخونة خلال 48 ساعة، فهذا يعني أن خلايا "ت" سليمة، والعكس صحيح.
- العينة: تؤخذ عينة من أحد العقد الليمفاوية و/أو النخاع العظمي لتحليلها وتحديد الخلايا الناقصة.
- الاختبارات الجينية: دراسة الجينات المسئولة عن تصنيع بروتينات الأجسام المناعية تُجرى إذا شك الطبيب في وجود اعتلال بها.
ما أول أعراض نقص المناعة؟
كما أشرنا أعلاه، فإن أول علامات نقص أو ضعف المناعة هي العدوى المتكررة، وفي الغالب تكون أول عدوى ظاهرة هي الالتهابات الفطرية في الفم، تليها التهابات الجهاز التنفسي العلوي والسفلي.
هل نقص المناعة طبيعي؟
لا، ليس من الطبيعي أن تكون المناعة ناقصة بأي حال، هي يمكن أن تكون ضعيفة بعض الشيء في الأطفال حديثي الولادة الذين لم يكتمل نمو الجهاز المناعي لديهم بعد، لكن هذا الضعف ليس دائماً، ولا يحتاج إلى علاج لأنه الجهاز المناعي يتطور بمرور الوقت، ويكتسب القدرة على مقاومة كافة أنواع الميكروبات.
كم يعيش فيروس الإيدز في الدم الجاف؟
في الغالب، لا يعيش فيروس الإيدز طويلاً خارج الجسم، وبالنسبة للدم المجفف، فقد توصلت الدراسات إلى أن فيروس الإيدز عندما يُترك في المعمل على سطح جاف فإنه يفقد 95-99% من قدرته على العدوى بعد مرور بضع ساعات.
وطبقاً لنتائج الأبحاث، فإن التعرض للدم الجاف المحتوي على فيروس الإيدز أو إلى الحيوانات المنوية أو سوائل الجسم الأخرى يحمل احتمالات ضئيلة للعدوى.
هل يحتوي اللعاب على فيروس الإيدز؟
نعم، يمكن أن يصل فيروس الإيدز إلى اللعاب، لكنه لا ينتقل من شخص إلى آخر عبر اللعاب
هل نقص المناعة عند الأطفال خطير؟
إذا كنت تقصد نقص المناعة عند الأطفال الناتج عن نقص خلايا المناعة أو قلة الأجسام المضادة، فهذا مرض خطير بالفعل وفي بعض الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، أما إذا كنت تقصد الضعف الطبيعي لمناعة الطفل المولود حديثاً نتيجة عدم تطور جهازه المناعي، فهذا طبيعي وليس خطيراً.