مشكلة رائحة النفس الكريهة هي مشكلة طبية معروفة (بالإنجليزية: Halitosis أو fetor oris)، يعاني منها الملايين حول العالم سواء بصورة مؤقتة (الأغلبية) أو بشكل مزمن، وطبقاً لجمعية طب الأسنان الأمريكية فإن 50% من البشر يصابون بداء رائحة الفم الكريهة مرة على الأقل في حياتهم لكن النسبة العامة 2.4% من السكان، وهي تُسبب حرجاً اجتماعياً بالغاً وقد تُسبب اضطرابات في العلاقات.
وتُعتبر رائحة الفم الكريهة مرضاً يجب علاجه إذا كانت مستمرة (ليست في الصباح فقط) ولا تختفي باستخدام معطرات الفم ومعاجين الأسنان، حيث إنها يُمكن أن تحدث لأسباب في الفم أو الأسنان، لكنها أيضاً قد تكون أحد أعراض مرض آخر عميق في أحد أعضاء الجسم الأخرى كما سنذكر في الشرح بالتفصيل.
ما أسباب رائحة الفم الكريهة؟
تظهر رائحة النَفَس الكريهة في الأساس نتيجة لتفاعلات كيميائية وعمليات تمثيل غذائي للبكتيريا والميكروبات، فالفم أساساً يُعتبر مأوى لمئات الأنواع من فصائل البكتيريا، وهي تهضم البروتينات وينتج عن ذلك العديد من المواد "النتنة" التي تُسبب تلك الرائحة السيئة.
تُعتبر مركبات الكبريت المتطايرة (Volatile sulfur compounds) مثل كبريتيد الهيدروجين والميثايل مركابتان هي أشهر أسباب انتشار الرائحة الكريهة عبر تطاير جزيئاتها مع النفَس وهي تنتج من تفاعلات كيميائية تصنعها البكتيريا.
والأسباب التي تؤدي إلى تراكم البروتينات التي تتغذى عليها البكتيريا وتنتج المواد النتنة المختلفة يُمكن ترتيبها كما يلي:
- إهمال نظافة الأسنان: بقايا الطعام المحصورة بين الأسنان وفي الفم تتراكم عليها البكتيريا وتحاول هضمها وتكسيرها ما ينتج عنه رائحة كريهة غير مقبولة. غسل الأسنان بالفرشاة مع مناوبة استخدام الخيوط لتنظيفها يزيل الأطعمة المحشورة قبل أن تتحلل وتستعمرها البكتيريا، كما يُزيل البقع الجيرية المتحجرة أو يمنع تكونها. مشكلة الرائحة الكريهة تحدث أيضاً فيمن يستخدمون أطقم أسنان دون أن ينظفوها يومياً.
- التدخين: تدخين السجائر أو السيجار يتسبب في جفاف الفم ما يؤدي إلى ظهور الرائحة الكريهة وتزايد قوتها، هذا بالإضافة إلى رائحة التبغ (النبيكوتين) نفسه.
- جفاف الفم: يحدث نتيجة نقص إنتاج اللعاب، واللعاب يحافظ على نظافة الفم ويقلل من الروائح غير المرغوبة، ونقص اللعاب يحدث في حالات التهاب أو مرض الغدد اللعابية، وحالات النوم مفتوح الفم، بالإضافة إلى تناول بعض أدوية الضغط وأدوية علاج بعض مشاكل البول.
- أمراض اللثة: التهاب اللثة وتراكم الجير على الأسنان نتيجة عدم تنظيفه لفترة طويلة، لأنه لا يُنظّف بالفرشاة العادية وله أجهزة خاصة في عيادة الأسنان. عندما يتراكم الجير تتكون به ثقوب وشقوق يُمكن أن تتراكم فيها الأطعمة والبكتيريا فتنتج الرائحة الكريهة القوية.
- تناول الأطعمة والمشروبات النفاذة: عندما يتناول شخص ما البصل أو الثوم أو الأطعمة الأخرى ذات الروائح النفاذة فإن المعدة تمتص منها الزيوت أثناء هضمها ثم تنتقل تلك الزيوت إلى الرئة عبر الدم وهو ما يُسبب ظهور رائحة كريهة للنفَس تستمر لمدة 72 ساعة، ويلاحظها من حوله.
رائحة الفم الكريهة بسبب المعدة وأمراض الجهاز الهضمي
- قرحة المعدة: القرحة نفسها لا تُسبب رائحة كريهة، لكن أغلب حالات القرح المعدية يكون سببها البكتيريا الحلزونية (هيليكوباكتر بايلوري) وهي التي تُسبب الرائحة السيئة بالمركبات التي تنتجها، ويمكن التخلص من الرائحة باستعمال العلاج الثلاثي لتلك البكتيريا للقضاء عليها.
- ارتجاع المريء: حيث يضعف الصمام الموجود أسفل المريء ما يسمح بارتداد عصارة المعدة المحتوية على حمض الهيدروكلوريك والطعام الممضوغ لتأكل جدار المريء وتسب آلاماً شديدة به، وهي التي تسبب الرائحة المؤذية.
- التهاب اللوز: في الحالات المتقدمة من التهاب اللوزتين والتي تتكون فيها حلقات من الصديد على اللوزة، تظهر رائحة فم كريهة وتنتهي بالشفاء من المرض واختفاء الصديد وتلك أهم أسباب رائحة الفم الكريهة في الأطفال.
- أمراض الكبد: في حالة فشل الكبد، تظهر رائحة فم كريهة تشبه رائحة السمك.
- أمراض اخرى: الفشل الكلوي ومرض السكر المتفاقم (المريض لا ينتظم بالعلاج) يُسببان رائحة فم كريهة
أسباب أخرى لرائحة اللعاب الكريهة المؤقتة
- الأدوية: تقول دراسة أمريكية إنه يوجد حوالي 400 صنف دوائي يتسبب في جفاف الفم، وبالتالي يقل تنظيفه فتحدث الرائحة الكريهة بطريقة غير مباشرة من بينها مضادات الاكتئاب وبعض مضادات الحساسية، لذلك تنصح الدراسة نفسها من يتعاطون تلك الأدوية بمضغ العلكة (اللبان) منزوع السكر باستمرار للإبقاء على الفم رطباً.
- التهاب الجيوب الأنفية: يُعتبر سبباً مزمناً لكنه يمكن علاجه حالياً باستخدام المناظير أو حتى العلاج التحفظي
- التهاب الشعب الهوائية وأي التهاب في الجهاز التنفسي العلوي
لماذا يُعتبر الفم بيئة خصبة لنمو البكتيريا المسببة للرائحة الكريهة؟
كيف أعرف أن رائحة فمي كريهة؟
إذن كيف أشم رائحة نفَسي/فمي بنفسي؟
- شخص موثوق: أسهل حل هو أن تسأل شخصاً مقرباً ان يشم رائحة نفَسك أثناء زفيرك ويخبرك إن كانت سئية أم عادية، وهذا الحل رغم سهولته إلا أن البعض قد يرفضه خشية الإحراج اجتماعياً، أو خشية أن يخفي الطرف الآخر الحقيقة عنه.
- مكشطة اللسان: هذه المكشطة مفيدة في التعرف على رائحة الفم وتنظيفه لإزالة الرائحة في الوقت نفسه لأن هذا أحد أهم مصادرها، حيث تكشط مؤخرة لسانك بتلك المكشطة ثم شم رائحتها.
- الطرق الطبية المؤكدة: في بعض عيادات الأسنان وعيادات التجميل توجد أجهزة لقياس نسبة جزيئات الكبريت المتطايرة التي تنتج من تفاعلات البكتيريا وهي المسئولة عن الرائحة الكريهة كما شرحنا بالتفصيل أعلاه. يُسمى الجهاز "Halimeter" وإذا كانت نسبة الجزيئات أكثر من 100 لكل مليار فهذا يعني أن النفَس له رائحة غير مرغوبة، كما ان تلك الأجهزة متاحة للبيع للأشخاص العاديين في بعض البلدان.
كيفية التخلص من رائحة الفم الكريهة
- غسل الأسنان: تنظيف أسنانك بالفرشاة مرتان يومياً بعد الأكل باستخدام معجون يحتوي على الفلور .
- تنظيف الأسنان بالخيط: مرة يومياً مع التأكيد على مرور الخيط بين جميع الأسنان
- تنظيف اللسان بواسطة فرشاة الأسنان أو ما شابه يؤمّن القضاء على العديد من البكتيريا والمركات المسببة للرائحة الكريهة
- منع جفاف الفم: حاول دائماً الإبقاء على فمك رطباً بشرب الماء والمضمضة بكثرة، ويُنصح باستخدام لعلكة (اللبان) منزوعة السكر
- تفادي التبغ: الامتناع عن التدخين أو مضغ المنتجات المحتوية على التبغ
- الغرغرة: شطف لفم والغرغرة باستخدام غسول فم خالي من الكحول
علاج الرائحة الكريهة للفم طبياً
- تنظيف جير الأسنان: وهذا يتم في العيادة بواسطة الطبيب وربما يكون على أكثر من جلسة، وهذه العملية ينصح أطباء الأسنان بتكرارها كل 6 أشهر
- علاج التهابات اللثة: باستخدام مضادات حيوية للقضاء على البكتيريا المسببة للرائحة الكريهة
- علاج ارتجاع المريء: إذا لم تفلح أساليب العلاج الخاصة بالأسنان في التخلص من الرائحة، فيمكن زيارة طبيب الباطنة إذا كان المريض يعاني من حرقان في في الصدر أو قرب فم المعدة ليصف له علاج لارتجاع المريء
- علاج قرحة المعدة: لنفس الأسباب السابق شرحها، يُمكن استخدام العلاج الثلاثي للبكتيريا الحلزونية المسببة لقرحة المعدة للتخلص من رائحة الفم الكريهة