تعتبر عملية الولادة من أهم اللحظات المؤثرة في حياة عامة الناس حيث تكون مصدر للسعادة والبهجة للأم و الأب كذلك بالضرورة وجميع المحيطين بهما، وقد يسر الله الكثير من الأسباب التي تؤدي الي سهولة وأمان هذه العملية، وحتي مع التطور السريع والكبير في الطب لايزال للولادة الطبيعية مكان متميز من حيث البحث والتطوير المستمر لضمان راحة الأم وسلامة المولود. ولا شك أن لعلم ولطبيب التخدير دورهام في توفير ظروف هادئة وآمنة لهذه المناسبة السعيدة.
ما هي الولادة الطبيعية ؟
بحسب التعريف العلمي: هي خروج المولود من قناة الولادة ( التي تمثل الوحدة بين الجزء السفلي للرحم وعنق الرحم إضافة إلي المهبل ) وذلك بدون تدخل من الطبيب.
وإن كان حديثا ومع تطور وكفاءة الخدمة الطبية أصبح وجود طبيب التوليد المتمرس ضمانة أساسية لسلامة وأمان الأم والمولود حيث يتابع نبض الجنين وحركته ويتابع السير الطبيعي للعملية حسب الوقت المحدد لكل مرحلة حيث أن لتأخر العملية (الولادة المتعثرة) عواقب مؤثرة علي الأم والجنين كما أنه منوط بمتابعة أي مشكلة قد تحدث أثناء الحمل (مثل ارتفاع ضغط الدم،سكر الحمل، حجم الجنين وتوفر السائل المحيط به...إلخ) وذلك لأن كل حالة مرضية أثناء الحمل يكون لها تعامل خاص عند الولادة.
وقد جادلت بعض المراجع الطبية في وقت سابق بأن الولادة عملية غير مصحوبة بالألم العضوي وأن الحقيقة هو أن الألم نفسي فقط وهو ما ثبت عدم دقته وصحته ،وللألم اثناء الولادة الطبيعية عدة اسباب أهمها :
هل الولادة الطبيعية تكون مصحوبة بالألم ؟
الألم علمياً هو شعور غير لطيف، تستقبله الأعصاب ويشعر به المخ، وقد يكون مصحوباً بأعراض غير مرغوبة (مثل تسارع ضربات القلب وارتفاع الضغط الشرياني و الغثيان والميل للقيء وغيرها).
وقد جادلت بعض المراجع الطبية في وقت سابق بأن الولادة عملية غير مصحوبة بالألم العضوي وأن الحقيقة هو أن الألم نفسي فقط وهو ما ثبت عدم دقته وصحته ،وللألم اثناء الولادة الطبيعية عدة اسباب أهمها :
- شعور الثقل والإمتلاء: الذي يبدأ من أواخر فترة الحمل ويصل إلي ذروته عند الولادة نتيجة وزن الجنين وما يحيط به من سائل داخل كيس الحمل.
- الطلق: وهو التقلصات والأنقباضات العضلية اللاإرادية للرحم والتي تعمل علي دفع الجنين داخل قناة الولادة مما يؤدي الي خروجه وتكون في صوره مغص أو شد وتتراوح شدته وفترته من وقت لأخر ، ويعتبر من أهم العوامل التي تؤدي الي الولادة كما يتم متابعة كفاءة الولاده من خلال الطلق وشدته.
- ألم في منطقة الحوض: نتيجة مرور الجنين وبالأخص الرأس في منطقة الحوض الضيق، ما يؤدي إلي تمدد مفاصل وعضلات الحوض ويكون في صورة ضغط أو ثقل في أسفل البطن، ويعتبر أيضا من العلامات الأيجابية لمراحل الولادة النهائية، وعدم حدوثه في الوقت المحدد قد يعني عدم قدرة الجنين علي الأستمرار بالنزول مما قد يضطر طبيب التوليد للجوء إلي الولادة القيصرية.
جدير بالذكر أن الجزء من الجهاز العصبي المركزي والمسؤل عن تسكين الألم بواسطة النظام الأفيوني (Opioid System) ينشط وبشدة في أواخر الحمل وبالأخص عند الولادة مما يوفر تسكينا طبيعياً للألم (يسمي اصطلاحاً: Stress Analgesia) مما يساعد في راحة الأم، ومن أهم الطرق لتنشيطه هو ممارسة الرياضة بشكل مستمر وسليم وتحت إشراف الطبيب المتابع للحمل، كما يساعد الغذاء السليم والعادات الصحية السليمة والبعد عن المنبهات والمكيفات في عمل هذا النظام بكفاءة.
كيف تسير الأمور في يوم الولادة؟
- تبدأ العملية عند الإبلاغ عن وصول الأم الي المستشفي في حالة ولادة حيث يتم إبلاغ الفريق الطبي المكون من ( طبيب التوليد، طبيب التخدير وطبيب الأطفال وحديثي الولادة).
- يقوم هذا الفريق بمناظرة الأم ويشمل التاريخ المرضي والسابق ووضع الحمل الحالي كذلك الفحص الإكلينيكي ومناظرة التحاليل الطبية المطلوبة، كذلك يتم فحص وضع الجنين من حيث الوزن المتوقع وإكتمال نموه وخلافه.
- في ضوء هذه المناظرة والفحص يتم التخطيط لإجراءات عملية الولادة الفعلية ومنها تحديد الوقت المتوقع لدخول غرفة العمليات وطرق التخدير المقترحة ومدي ملاءمة كل طريقة لوضع الأم والمولود.
نصيحة ذهبية :
التواصل الفعال بين الفريق الطبي والأم وأيضا الزوج يساعد في فهم ملابسات العملية وفي شرح النقاط التي قد تبدو غامضة مما يساعد في اتخاذ قرار سليم وتفهم اسبابه ونتائجه ، مما يضمن عملية مثالية.حقائق مهمة عن بنج الولادة الطبيعية
- من الممكن -نظريا- أن تتم عملية الولادة بدون طبيب تخدير، كما يحدث مصادفةً أن تلد بعض السيدات في المنزل أو حتي في الشارع، لكن التوجيهات الطبية العالمية الحديثة ولضمان معايير السلامة، تؤكد علي أهمية وجود طبيب التخدير المتمرس لسلامة الأم والمولود.
- يتم التشاور بين طبيب التخدير وطبيب التوليد و الأطفال لتحديد الخطة المثالية للبنج، والتي تختلف حسب الحاله، فمثلاً: إذا كانت الأم تعاني من ارتفاع الضغط أثناء الحمل (تسمم الحمل) فإن البنج النصفي بكل طرقه وأشكاله هو الأنسب ويفضل علي البنج الكلي.
- وكذلك الأمر إذا كان الطفل مبتسرا ( غير مكتمل النمو) أو أن الأم تعاني من مشاكل تنفسية مزمنه ( حساسية الصدر أو الربو الشعبي ) فإن التخدير النصفي يصبح أولوية عن التخدير الكامل.
- يقوم طبيب التخدير بشرح كل الأمور المتعلقة بالأم والجنين كما ورد في الفقرة السابقة، وذلك لعرض أسلوب التخدير وأخذ الموافقة الموقع عليها من الأم (Informed Consent) حيث تنص أخلاقيات المهن الطبية بضرورة شرح الإجراء للمريض قبل البدء في تنفيذه ويجب أن يوقع بالموافقة، مما قد يفسر سبب التوقيع علي أكثر من نموذج قبل دخول غرفة العمليات.
هل يُفضل استخدام المهدئات بالحقن الوريدي قبل الولادة؟
-
استخدام المهدئات عن طريق الوريد (Sedatives and Anixolytics) يكون محدوداً جداً قبل الولادة وإذا استخدم فيكون بمنتهي الحرص وبجرعات صغيرة جداً، وذلك للتأثير السلبي علي المولود وبالأخص عمليلة التنفس ولذلك يفضل أغلب أطباء التخدير البعد عن المهدئات قبل الولادة، ويكون للعامل النفسي الشق الأهم لتهيئة وتهدئة الأم قبل دخول غرفة العمليات.
نصيحة ذهبية :
الفريق الطبي المسؤل عن عملية الولادة لا يعني إلا بتقديم أفضل خدمة وأكثرها راحة وأمان، ولا يدخر وسعا لشرح النقاط أو للاجابة علي بعض التساؤلات، لذلك فان التعاون والثقة المتبادلة هي أساس الحصول علي خدمة طبية متميزة وتجربة سعيدة وهادئة.
ما هي الخيارات والطرق الأشهر لبنج الولادة الطبيعية ؟
- إعطاء مسكن بالوريد: أحيانا يكون ذلك كافيا للتغلب علي ألم الولادة، وقد يتم تدعيمه ببعض المخدر الموضعي إذا تطلب الأمر وهذه الطريقة تناسب أكثر الأم كثيرة الولادة خاصة عند زيادة عدد مرات الولادة السابقة (Multiparitus Female ) حيث تكون قناه الولادة ميسرة لخروج سهل للمولود. تتميز هذه الطريقه بالسهولة لكن قد لاتناسب بعض السيدات خاصة عند الولادة الأولي (Primigravida female) كما إن استخدام المسكن الوريدي مقيد بجرعات تناسب وضع المولود وقد لاتناسب في حالة المولود المبتسر.
- التخدير فوق الجافية (Epidural Anesthesia) أو ما يعرف للعامة بقسطرة إبيديورال: يعتبر هذا النوع هو الطريقة الذهبية للولادة بدون ألم، وهو نوع من البنج النصفي، حيث يتم تركيب قسطرة في الفراغ فوق الجافية وهو محيط بالأعصاب الشوكية النابعة من الحبل الشوكي. عادة يتم التركيب من خلال المنطقة القطنية لإدخال المخدر اللازم لتخدير منطقة البطن إلي مستوى ما حول السرة تقريبا، يؤدي ذلك إلي تسكين جزء كبير جداً من الألم المصاحب لعملية الولادة، ويتم حقن المخدر بواسطة فريق التخدير المتخصص وبجرعات محدده تسمح بمتابعة حدوث الطلق وانقباضات الرحم، وهو ما يعني أن جزء ضئيل من ألم الطلق يظل موجوداً ولكن بصورة تقلصات خفيفة. تتميز هذه الطريقة بالكفاءة الشديدة في التغلب علي الألم وكذلك مناسبتها للولادة حيث لا تتسبب العقاقير المستخدمة بواسطة القسطرة في أي ضرر للجنين كما يمكن إعطاء أكثر من جرعة حسب احتياج الأم. كما أنه يوجد نظام يتيح للأم إعطاء جرعات إضافية عند اللزوم ولكن بحد أقصي لايمكن تجاوزه ما يعرف بسيطرة المريض للتسكين (Patient Controlled Analgesia). ولكن يعيب هذا الأسلوب أرتفاع تكلفته و تعقيده بحيث لا يتم تنفيذه الإ بوجود فريق تخدير متمرس وكذلك قد يؤدي إلي بعض الأعراض الجانبية كانخفاض ضغط الدم، تباطؤ ضربات القلب وقد يصاحبه غثيان أو ميل للقيء.
- تخدير داخل السحايا (Intrathecal Anesthesia): تعتبر هذه الطريقة هي التخدير النصفي التقليدي وتكون بتوصيل العقار المخدر داخل السائل المحيط بالأعصاب الشوكية مرورا بالسحايا المحيطة بالحبل الشوكي مما يؤدي إلي فقدان الإحساس بالنصف السفلي للجسم تقريبا. يتميز هذا الأسلوب بالسهولة و بقوة التخدير الناتج عنه ولكن يعيبه عدم القدرة علي إعطاء جرعات إضافية من المخدر فيجب أن يعطي في المرحلة النهائية للولادة، كما أنه قد يؤدي إلي حدوث نوع من الصداع في خلال يوم إلي ثلاثة أيام (المعروف بأسم Postdural Puncture Headache).
الفرق التشريحي لتخدير قسطرة الإبيديورال (الأحمر) وتخدير داخل السحايا (الأزرق) - التخدير الكامل أو البنج الكلي (General Anesthesia ) : ربما يمثل دورا محدودا في عملية الولادة الطبيعية حيث لا يجب تغييب الأم عن الوعي الإ بعد ظهور جزء مناسب من رأس المولود خارج قناة الولادة، ما يعني بالضرورة أنه أكثر الأساليب تأخرا من حيث وقت تنفيذه خلال عملية الولادة، ويكون بالأساس لتخدير مرحله بض الفرج (Episiootomy) التي يقوم فيها الجراح بعمل شق يساعد علي سهولة خروج المولود. التخدير الموضعي (Local Anesthesia): ويكون بحقن العقار المخدر لغلق الضفيرة العصبية المغذية للفرج (Pudendal Block ) وهي تستخدم بالأساس لتخدير عملية بض الفرج فقط أي أنها لاتستخدم لتسكين فترة الطلق او نزول الجنين خلال قناة الولادة. وتتميز بالسهولة والأمان وقد يقوم بها جراح التوليد بنفسه، وإن كانت أقل كفاءة من الطرق السابقة.