التعريف: نزيف الأنف (الرعاف) هو النزيف ونزول الدم من تجويف الأنف أو المنخر أو حتى من البلعوم الأنفي، وهي حالة طواريء كثيرة التردد على استقبال المستشفيات، وتتدرج من حيث خطورتها، ويجب أن يعرف الأشخاص طريقة عمل الإسعافات الأولية لها على الأقل لتجنب الدخول في المضاعفات.
ويشيع حدوث نزيف الأنف في نسبة كبيرة من الناس بسبب الطبيعة التشريحية للأنف حيث تتواجد في مكان قابل للاحتكاك المتكرر، بالإضافة إلى وضعية الأوعية الدموية للأنف وزيادتها على الطبقة السطحية (المخاطية) للأنف.
الأسباب والعوامل المساعدة:
أ. أسباب موضعية (في الأنف نفسها وملحقاتها)
الأسباب والعوامل المساعدة:
أ. أسباب موضعية (في الأنف نفسها وملحقاتها)
1. مجهول السبب:
- هذا هو الأكثر شيوعاً، حيث تبلغ نسبة الرعاف مجهول السبب 90% من الحالات.
- قد يكون الجو الحارّ أو الإصابة البسيطة عاملاً مهيئاً لحدوثه.
- النزيف يكون من منطقة "ليتلز" (ضفيرة كيسيل باخ)، وهو الجزء الأمامي من الحاجز الأنفي وهو المكان الذي يلتقي فيه عدد من شرايين الأنف والجيوب والوجه لتكون ضفيرة أو شبكة شعيرات، وهو المكان الأكثر تعرضاً للهواء الجاف البارد ولتكون القشور.
هذه الحالات تتحسن عند سن البلوغ في عادةص، لكن بعضهم قد يستمر لفترة أطول.
2. إصابات وحوادث:
- دخول جسم غريب إلى الأنف.
- حالات كسر الأنف وكسر قاع الجمجمة.
- أسباب علاجية: جراحات الأنف والجيوب بالمنظار، تجميل الحاجز الأنفي، تصغير قرنيات الأنف وأثناء تركيب الأنبوبة الأنفية-المعدية (للمعدة).
3. التهابات:
- كل حالات التهاب الأنف سواء الحادّ أو الالتهاب المزمن، أو التهاب الجيوب الأنفية المزمن والحادّ يُمكن أن يصاحبها رعاف بدرجات مختلفة.
- حالات الالتهابات المزمنة التي تسبب تكوّن حبوب وما شابه أيضاً يُصاحبها نزيف من الأنف (رعاف).
4. الأورام بنوعيها:
أ. أورام الأنف والجيوب الأنفية:
- أورام حميدة مثل الورم الوعائي.
- أورام خبيثة.
ب. أورام البلعوم الأنفي:
- أورام حميدة مثل الورم الليفي الوعائي.
- أورام خبيثة مثل سرطان البلعوم والساركوما.
- بسبب انزواء الأوعية الدموية على السطح المحدّب للحاجز الأنفي.
- وبسبب جفاف الطبقة المخاطية على السطح المقعر.
- ثقب الحاجز الأنفي.
6. تمدد الشعيرات الدموية النزفي الوراثي.
1. أمراض القلب والأوعية الدموية:
يُعتبر ارتفاع ضغط الدم هو السبب الأكثر شيوعاً للرعاف في كبار السن، حيث يؤدي ارتفاع ضغط الدم الشرياني إلى النزيف من مؤخرة الأنف، كما أن ارتفاع الضغط لا يُسبب بدء النزيف بل يُسبب استمراره بعد بدئه.
ارتفاع ضغط الدم الوريدي، تضخم وفشل عضلة القلب، ضيق الصمام الميترالي، انتفاخ الرئة وحالات الأورام في الصدر، أيضاً تُسبب الرعاف.
2. أمراض الدم:
3. الأدوية والعقاقير:
- مضادات التجلط: مثل الهيبارين وإخوته.
- الأدوية التي تُسبب تكسّر الصفائح الدموية مثل الأسبيرين ومسكنات الألم غير الستيرويدية.
4. أمراض الكبد وأمراض أخرى:
- فشل الكبد يُسبب تدهور تصنيع البروثرومبين وهو أحد عوامل التجلط وبالتالي يزيد سيولة الدم وفرص النزيف.
- أمراض أخرى مثل الحمى الروماتيزمية والتهاب الغشاء الداخلي للقلب تُسبب التهاب الأوعية الدموية في العموم وتزيد فرص حدوث الرعاف.
طريقة التعامل مع الرعاف وعلاجه بالتفصيل
أولاً: الإسعافات الأولية:
- يجب أن يكون مريض الرعاف في الوضع جالساً ويكون رأسه منحني للأمام (عكس ما يعتقد أغلب الناس) إلا في حالة واحدة وهي حدوث هبوط حاد في الدورة الدموية بسبب النزيف، في هذه الحالة يرقد المريض في وضع الاستلقاء.
- يجب الضغط على الأنف بالإصبعين الإبهام والسبابة لمدة دقيقة على الأقل حتى يتوقف النزيف.
- توضع كمادات باردة (ثلج) على مقدمة الرأس.
- يجب أن يبصق المريض الدم الذي يدخل في جوفه، لا يبتلعه.
- بعض مدارس الطب تنصح بإدخال قطعة قطن مبللة بمادة قابضة للأوعية الدموية مثل "الإبينفرين" وإبقاؤها داخل المنخر النازف لمدة 5-10 دقائق، لكن هذا الإجراء ممنوع عمله في مرضى القلب ومرضى ارتفاع ضغط الدم.
ثانياً: تقييم حالة المريض:
- يجب أخذ تاريخ مرضي كامل من المريض لمحاولة التعرف على سبب الرعاف.
- يجب فحص المريض لمعرفة مكان النزيف وشدته واستبعاد حدوث هبوط في الدورة الدموية (زيادة سرعة نبضات القلب، شحوب الوجه، برودة الأطراف، انخفاض ضغط الدم، والعلاممات الأخرى).
- مكان النزيف في الغالب يكون "منطقة ليتلز" بمقدمة الحاجز بنسبة (90%) وفوق القرنية الأنفية الوسطى وتحتها أيضاً.
ملحوظة: قد يلجأ الطبيب لاستخدام منظار الأنف للفحص لمعرفة الشريان النازف.
ثالثاً: طرق إيقاف النزيف:
أ. في حال كان النزيف متوسط الشدة:
1. يجب عمل الإسعافات الأولية السابق ذكرها أولاً.
2. عملية كي الأوعية الدموية:
- نبدأ عملية الكي عندما يتوقف النزيف أو على الأقل تخف حدته.
- تُجرى بالتخدير الموضعي باستخدام الزيلوكاين.
- يتم الكي بالكهرباء (الأفضل) أو باستخدام مواد كيميائية مثل نترات الفضة أو حمض الكروميك.
- ثم يوصف للمريض نقط ملينة للأنف مع نصيحة بعدم اللعب في الأنف.
ب. في حالة النزيف الشديد:
يتم إيقاف النزيف أولاً بتعبئة الأنف بالشاش ثم يُعالَج الهبوط الحاد في الدورة الدموية.
1. ضمادات الأنف الأمامية
- تُستخدم ضمادات الأنف لإيقاف النزيف الحاد كدكاك باستخدام مادة قابلة للامتصاص مثل الجيلاتين أو السيليلوز أو السيليلوز المؤكسد أو مواد غير قابلة للامتصاص مثل ضمادات الريبون، قسطرة فولي أو حتى ضمادة مطاط قابلة للنفخ، والطبيب هو من يختار وحسب توفر المواد أيضاً.
- الضمادة التقليدية في حال عدم توفر ما سبق يمكن أن تكون قطعة شاش مقاس 2.5 × 50 سم مبللة بالفازلين واللجنوكاين (مخدر موضعي) بالإضافة إلى مرهم مضاد حيوي.
- تُترك الضمادة لمدة 24 -48 ساعة.
- يوصف للمريض مضادات حيوية أقراص.
2. ضمادات الأنف الخلفية
- يُلجأ لها في حالة فشل الضمادات الأمامية في إيقاف النزيف.
- توضع تحت التخدير الكلي.
- توضع قطعة شاش بها مرهم مضاد للميكروبات وتوضع في البلعوم الأنفي وخيطان صغيران يخرجان من منخري الأنف ويربطان معاً بالإضافة إلى خيط يخرج من الفم.
- تُترك في الأنف لمدة 24-48 ساعة.
- يوصف للمريض مضادات حيوية أقراص.
- يُمكن استخدام قسطرة "فولي" بدلاً منها.
3. إجراءات عامة
- في الحالات المتكررة للرعاف الشديد، يوصف للمريض أدوية مساعدة للتجلط مثل فيتامين "ك" و"البلازما".
- مضادات حيوية عن طريق الفم.
- قد يحتاج المريض لتركيب محاليل تعويضية أو حتى نقل دم في الحالات الشديدة التي تصبب هبوط الدورة الدموية.
- يُنصح المريض بالراحة في السرير وقد يوصف له مهديء مثل الديازيبام.
- متابعة العلامات الحيوية للمريض أمر مهم تماماً خصوصاً الضغط وكمية البول المخرجة وأيضاً نسبة الهيموجلوبين.
4. ربط الشريان
يلجأ الأطباء للحل الأخير وهو ربط الشريان النازف في حالة فشل جميع الإجراءات السابقة، أو في حالة تكرار الرعاف رغم وضع الضمادات الأنفية.
عملية كي الأنف وربط الشريان النازف |
- ربط الشريان الغربالي: يتم عن طريق المنظار أو عن طريق فتحة خارجية ويُلجأ إليه في حال كان النزيف آت من فوق القرنية الأنفية الوسطى.
- ربط الشريان الوتدي-الحنكي: عن طريق الكي باستخدام المنظار.
- ربط الشريان الفكي العلوي: في حال كان النزيف آت من تحت القرنية الوسطى.
5. صمّ (إغلاق) الشرايين
يتم عمله أثناء عمل الآشعة بالصبغة على الشرايين ويتم إغلاق الشريان النازف باستخدام رغوة جل أو مواد أخرى.
رابعاً: علاج السبب
بعد التمكن من إيقاف النزيف تماماً، يجب التوجه لعلاج سبب النزيف حتى لا يتكرر مرة أخرى، ويتم ذلك عبر الفحوصات لتأكيد تشخيص السبب ثم علاجها بالطرق المناسبة.
الفحوصات:
- ملف عوامل التجلط الكامل: زمن البروثرومبين، زمن التجلط، تركيز البروثرومبين، INR.
- صورة دم كاملة.
- آشعة مقطعية وعينة في حال الشك بوجود ورم بالأنف أو الجيوب.
علاج الأسباب:
- النزيف من منطقة "ليتلز" يُعالج في الغالب بالكي سواء بالكهرباء أو بالمواد الكيميائية (مع تجنب كي منطقتين متقابلتين على الحاجز الأنفي لتفادي ثقب الحاجز).
- ارتفاع ضغط الدم: يُوجّه المريض للمتابعة مع طبيب الأمراض الباطنة لوصف العلاج المناسب لحالته.
- انحراف الحاجز: يُعالج بالجراحة التجميلية.
- بقية الأسباب يتم علاجها حسب الحالة مثل استئصال الأورام، والكي في حالات تمدد الشعيرات الوراثي،....إلخ.
أسئلة متكررة وإجاباتها
1. متى يكون نزيف الأنف خطيراً؟
رغم أن منظر نزول دم كثيف من الأنف يكون مرعباً لبعض الأشخاص ويجعلهم يظنون بوجود خطر على صحتهم، إلا أن معظم حالات الرعاف لا تكون خطيرة ويمكن علاجها في المنزل باتباع تعليمات الإسعافات الأولية المذكورة أعلاه.
لكن على الجانب الآخر توجد حالات خطيرة بالفعل وهي تلك الحالات التي لا يتوقف فيها النزيف بالإسعافات العادية ويستلزم الذهاب إلى المستشفى لإيقاف النزيف، كما إن هناك بعض الحالات التي يكون سبب الرعاف فيها خطيراً مثل الأورام والارتفاع الشديد لضغط الدم.
يجب أن ننتبه لنزيف الأنف إذا كان المريض كبيراً في السن أو يعاني أمراضاً مزمنةً أخرى.
2. ما أسباب نزيف الأنف المفاجئ؟
سبب الرعاف المفاجيء لا يخرج عن الأسباب السابق سردها أعلاه، فمثلاً دخول جسم غريب في الأنف يسبب نزيفاً مفاجئاً، لكن أيضاً مريض ارتفاع ضغط الدم يمكن أن ينزف من أنفه فجأة إذا ارتفع ضغط الدم بنسبة كبيرة سريعاً.
وبالتالي فإن كل حالات نزيف الأنف يمكن أن تكون مفاجئة.
3. كيف يمكن إيقاف نزيف الأنف بسرعة؟
الحل الأسرع والأسهل لإيقاف النزيف سريعاً هو الضغط بإصبعي اليد "السبابة والإبهام" على جانبي الأنف لمدة دقيقة على الأقل، مع إبقاء الرأس معدولاً في الوضع الطبيعي وعدم إرجاعه للخلف ولا رفعه لأعلى، مع عدم بلع الدم.