يُعتبر ضعف السمع والصمم هو أكثر إعاقة حسية انتشاراً في العالم، حوالي 23% من الأشخاص من عمر 12 عاماً أو أكبر يصابون بأحد درجات الصمم (ضعف السمع)، وهو يؤثر على جميع الأعمار ويمكن أن يكون دائماً إذا لم يُعالج بالطريقة الصحيحة في الوقت المناسب.
ومن المعروف طبياً أن سلامة حاسة السمع عامل أساسي لمساعدة الطفل على تطوير مهارات التحدّث والمهارات اللغوية، وعليه فإن إصابة الطفل بالصمم في فترة الطفولة يتسبب في تأخر تطوير مهارات التحدث عنده، لذلك وجب التنويه على هذه النقطة وتحديد الأسباب التي تؤدي إلى ضعف السمع في الأطفال، وطريقة اكتشافها وعلاجها.
تشريح الأذن وكيف يسمع الإنسان الأصوات؟
تنقسم أذن الإنسان إلى 3 أجزاء رئيسية هي الأذن الخارجية، الأذن الوسطى والأذن الداخلية، وتفصيلها كما بالصورة كالتالي:
- الأذن الخارجية: تتكون من صيوان الأذن الخارجي والغضروف ثم القناة السمعية ثم الطبلة، والطبلة هي الحد الفاصل بين الأذن الخارجية والأذن الوسطى.
- الأذن الوسطى: تحتوي عُظيمات الأذن التي هي بالترتيب; المطرقة، السندان وأخيراً عظمة الركاب وتلك العظام متصلة ببعضها. في الجزء الداخلي من الأذن الوسطى يقع "النتوء" الذي يرسم حدود الأذن الداخلية. وتمتليء الأذن الوسطى في الظروف الطبيعية بالهواء مثل الأذن الخارجية.عظمة الركاب تتكيء ناحية النافذة البيضاوية التي تقود إلى الأذن الداخلية.
- الأذن الداخلية: تمتليء بالسوائل وهي تحتوي "القوقعة" وهي العضو المسئول عن معالجة الأصوات وتوصيلها إلى المخ عبر العصب السمعي، كما تحتوي الأعضاء المسئولة عن الاتزان مثل "القنوات شبه الدائرية. العصب السمعي يربط الأذن الداخلية بمراكز السمع والاتزان في المخ والمخيخ عبر المسار السمعي الاتزاني العصبي.
كيف تعمل الأذن وكيف ينتقل الصوت؟
تنتقل موجات الصوت عبر الهواء إلى القناة السمعية (الأذن الخارجية) حتى يصطدم بالطبلة فتسبب ذبذبات الصوت اهتزاز الطبلة.
عُظيمات الأذن الوسطى (المطرقة والسندان والركاب) تنقل ذبذبات الصوت من الطبلة إلى القوقعة (الأذن الداخلية) عبر النافذة البيضاوية.
اهتزاز قوقعة الأذن بسبب الذبذبات ينتج عنه موجات في السائل الموجود بالأذن الداخلية وهو ما يسبب استثارة الخلايا الشعرية في القوقعة (خلايا عصبية) فينتج عنها نبضات كهربية تنتقل عبر العصب السمعي إلى مركز السمع في المخ حيث يتم تفسيرها واستيعابها.
كيف يحدث ضعف السمع والصمم وما أنواعه؟
بناءاً على الشرح السابق، فإن أي عائق يتداخل مع حركة وانتقال الموجات الصوتية سواء من الأذن الخارجية إلى الوسطى أو من الوسطى إلى الداخلية أو أي عطب يصيب العصب السمعي يُمكن أن يسبب ضعف السمع أو الصمم حسب درجته ومكانه.
وبناءاً عليه يتم تقسيم الصمم إلى نوعين رئيسيين:
- الصمم التوصيلي: يحدث نتيجة اعتلال يصيب الجزء التوصيلي بمعنى أنه يحدث في حالة وجود عائق لانتقال الصوت في القناة السمعية (الأذن الخارجية) أو الطبلة أو الأذن الوسطى (العُظيمات)، وأغلب أسبابه قابلة للعلاج الحاسم كما سيأتي التفصيل.
- الصمم الحسي العصبي: يحدث نتيجة وجود اعتلال في وظيفة القوقعة أو العصب السمعي أو في المستوى الأعلى في مسار توصيل النبضات الكهربية حتى مركز السمع في المخ. للأسف أغلب تلك الحالات يكون الصمم دائماً وغير قابل للعلاج نظراً لعدم القدرة على تجديد الخلايا العصبية التالفة، والحل في السماعات الخارجية.
أسباب ضعف السمع والصمم التوصيلي
تنقسم تلك الأسباب التي تؤدي إلى ضعف السمع أو الصمم التوصيلي الذي غالباً ما يكون مؤقتاً إلى عوامل في الأذن الخارجية وأخرى في الأذن الوسطى، ويمكن تلخيص تلك العوامل كما يلي:
- الشمع المتصلب: يعتبر أشهر أسباب الصمم المؤقت خصوصاً أحادي الجانب ويصيب 1 من كل 10أطفال وأيضاً 1 من كل 20 بالغ ويصل إلى 1 من كل 3 أفراد من كبار السن.
- دخول جسم غريب في الأذن: هذا الأمر متكرر في الأطفال مثل حبات الخرز واللعب الصغيرة وحتى بعض الحشرات يمكن أن تدخل في أذن الطفل وتسدها.
- التهاب حاد في الأذن الخارجية: يحدث في البالغين ويُسبب تورماً شديداً في القناة السمعية مما يسدها ويُضعف السمع بنسبة كبيرة.
- سرطان الأذن الخارجية: هو ورم خبيث نادر الحدوث لكنه يسبب انسداد القناة السمعية
- تعظّم الأذن الخارجية: (Exostoses) حالة نادرة أيضاً تظهر فيها عظيمات متعددة تسد القناة السمعية وغالباً تحدث بعد السباحة في مياه باردة لفترة طويلة.
- الجروح: تحدث غالباً بسبب تكرار الهرش أو حك الأذن أو استخدامات أدوات حادة لتنظيف الشمع من الأذن. تلك الجروح تكون قشور وتسبب تورم القناة وانسدادها.
- ابتلاءات خلقية: بعض الناس يولدون ولديهم ضيق أو انسداد في القناة السمعية.
- التهاب الأذن الوسطى: يحدث في الأطفال بنسبة كبيرة ويخف تلقائياً في 70% من الحالات، لكن يجب المتابعة وتخفيف الأعراض والحفاظ على الطبلة حتى لا تنثقب بسبب الصديد.
- سوسة الأذن: تكرار التهاب الأذن الداخلية وتحوله إلى التهاب مزمن وتدمير الطبلة يمكن أن يتطور إلى تراكم الكيراتين وتكوين تورم يُسمى "سوسة الأذن".
- ثقب الطبلة
- انسداد قناة استاكيوس: عند انسداد تلك القناة الموصلة بين الأذن والبلعوم الأنفي، تفشل الأذن الوسطى في معادلة الضغط ويحدث الصمم.
- ابتلاءات خلقية في عظيمات الأذن الوسطى خصوصاً عظيمة الركاب
- تصلب عظمة الركاب: أحد أشهر أسباب الصمم المكتسب، ويحدث الصمم تدريجياً في إحدى الأذنين أو في كليهما، وسببه هو نمو عظمي غير طبيعي في عظمة الركاب يقيد حركتها.
- أمراض العظام: مثل مرض "باجت" الذي يؤثر على عظام الجسم عموماً ويمكن أن يصيب عظيمات الأذن ويسبب فقدان السمع.
أسباب الصمم الحسي العصبي (الأذن الداخلية)
في معظم حالات ضعف السمع الحسي والعصبي تكون القناة السمعية والطبلة والأذن الوسطى خالية من أي اعتلالات أو أمراض، وتتلخص أسباب هذا النوع من الصمم كما يلي:
- الشيخوخة: يعتبر التقدم في العمر هو السبب الأشهر لضعف السمع وحتى الصمم الكامل.
- الضوضاء: الأصوات العالية المتكررة تعتبر ثاني أشهر سبب لضعف السمع.
- الأدوية السامة للأذن: بعض الأدوية معروف عنها تأثيرها السام على الأذن الداخلية مثل مجموعة المضادات الحيوية "أمينوجليكوزايد" (جنتاميسين وأميكاسين وغيرهم)، وبعض مدرات البول بجرعات عالية ومشتقات الساليسيليت، وأدوية الملاريا (بلاكونيل) وأدوية العلاج الكيماوي للسرطانات. يعتمد التأثير السام لتلك الأدوية على الجرعة ويخف الصمم بإيقاف العلاج لكنه يمكن أن يصبح الصمم دائماً إذا استمر العلاج لفترة طويلة.
- التهاب الأذن الداخلية (التهاب الدهليز): وفيه يحدث صمم مفاجئ مع طنين ودوار وإحساس بثقل في الأذن.
- مرض منيير
أسباب الصمم وضعف السمع في الأطفال
يوجد نوعان من الصمم الأول توصيلي والثاني إدراكي أو عصبي، وكلاهما يشتركان في الأسباب لكن النوع التوصيلي هو الأكثر حدوثاً والأخفّ آثاراً، وأسبابهما في الغالب تكون إما ابتلاءات خلقية منذ الولادة أو بسبب التعرض للإصابة أو السبب الأكثر حدوثاً وهو التهابات الأذن، ومن أمثلتها:
- التهابات الأذن وخاصة التهاب الأذن الوسطى.
- الحصبة
- التهاب الغدة النكافية
- تناول الأدوية المضرة بالأذن
- الجديري
- إصابات الرأس.
- التهابات الأغشية السحائية
وتوجد ثلاثة أسباب هي الأكثر انتشاراً بين ما سبق هي الحصبة والنكافية والتهاب الأغشية السحائية.
كيف تعرف أن ابنك مصاب بالصمم أو ضعف السمع؟ (الأعراض)
يتم ملاحظة أن الطفل لا يستجيب للضوضاء ولا الأصوات العالية، كما أنه لا يستجيب لصوت أمه خلافاً لما اعتاد عليه، بالإضافة إلى معاناته من أعراض المرض الأساسي المسبب لضعف السمع، مثل حالات التهاب الأذن الوسطى تجد أن الطفل يُعاني من ألم بالأذن يجعله يشد أذنه كثيراً أو يبكي بدون سبب وقد يكون يعاني من رشح وانسداد بالأنف أيضاً.
ويمكن ملاحظة أعراض الحصبة مثلاً بوجود طفح جلدي مميز وكذلك الجديري، أو ملاحظة ظهور تورم تحت الأذن في حالة التهاب الغدة النكافية.
ما حالات الطوارئ في الصمم التي يجب فيها التصرف فوراً؟
طبقاً للتوصيات الطبية الأخيرة لعام 2021، فإن الحالات التالية تعتبر حالات طوارئ يجب التصرف فيها فوراً في المستشفى:
- أي فقدان مفاجئ للسمع في مدة أقل من 72 ساعة يستلزم إجراء فحوصات تشخيصية فوراً.
- إذا كان فقدان السمع أكثر من 30 ديسيبل في أكثر من 3 ترددات يستلزم تحويل المريض إلى أخصائي أو استشاري جراحة أنف وأذن وحنجرة فوراً.
- يجب إجراء فحص مقياس السمع لتحديد نوع الصمم إن كان توصيلياً أو حسياً عصبياً.
- حالات التهاب الأذن الخارجية الخبيث (الناخر)
- الصمم الحسي المفاجئ المصحوب بالدوار أو الطنين أو كليهما.