رغم أن المضادّات الحيوية القوية قللت احتمالات حدوث مُضاعفات لالتهاب الأذن الوسطى، إلا أنه ما زالت بعض المضاعفات الخطيرة تحدث، وللأسف فإن لها معدّل وفيات عالي بسبب امتدادها لأماكن حساسة جداً داخل الدماغ بحكم قرب الأذن منها، لذلك فمن المهم جداً التعرف عليها والانتباه لها.
وتزداد نسبة حدوث التهاب الأذن الوسطى في البلاد النامية أكثر من الدول المتقدمة، خصوصاً في الأماكن التي تُهمل فيها النظافة العامة، ونفس الأمر بالنسبة للمضاعفات، لكن نسبة حدوث المضاعفات انخفضت من 3-4% إلى 0.04% وانخفضت نسبة الوفيات من 25% إلى 8% وكلاهما حدث بعد تطور المضادات الحيوية.
أسباب حدوث المُضاعفات
بالإضافة إلى تأخر العلاج أو عدم تعاطي العلاج الصحيح، تحدث المضاعفات نتيجة لما يلي:
- الالتهاب الصديدي الحادّ للأذن الوسطى مالم تتم معالجته جيداً
- حدوث التهاب حادّ متفاقم عن التهاب صديدي مزمن موجود أصلاً بالأذن الوسطى
- حدوث سوسة الأذن الوسطى
توزيع نسب حدوث المُضاعفات
كما ذكرنا في بداية المقال, ساهمت المُضادّات الحيوية في تقليل نسبة حدوث المُضاعفات، فمثلاً قبل عصر المُضادّات الحيوية كانت نسبة حدوث التهاب عظمة الخشاء (إحدى المضاعفات) الذي يتطلب تدخلاً جراحياً 25-50% من الحالات، بينما تضاءلت تلك النسبة في الوقت الحالي إلى ما يقارب 0.36% أي أقل من 1%.
المُضاعفات الأكثر حدوثاً خارج الدماغ هي الخراج خلف الأذن، أما الأكثر حدوثاً داخل الدماغ والأخطر هي التهاب الأغشية السحائية المغلفة لنسيج المخ.
نسبة حدوث المضاعفات تزداد في الأطفال أكثر من البالغين.
طُرُق انتشار المضاعفات
- الطريق المباشر: عبر تآكل العظام مثلما يحدث في سحال وجود "سوسة الأذن الوسطى".
- عن طريق الدم: عن طريق الأوردة وإلى الجيوب الوريدية والأغشية السحائية, وهذا يحدث أكثر في حالات الالتهاب الحادّ.
- بعض الابتلاءات الخلقية تُسهّل انتقال العدوى وحدوث المُضاعفات مثل وجود فتحة (نافذة صغيرة) في قناة الأذن, أو ضعف طبقة العظام الحامية.
- بعض حالات ما بعد الجراحة مثلما يحدث عند اسئصال عظمة الركاب مثلاً.
مُضاعفات الالتهاب الصديدي للأذن الوسطى وتصنيفها
أ. مضاعفات في عظام الجمجمة (عظمة الصدغ)
- التهاب عظمة الخشاء
- التهاب العظمة الصخرية Petrous bone
- شلل العصب السابع
ب. مُضاعفات داخل الجمجمة (داخل الدماغ)
- خراج خارج غشاء الأم الجافية، ويمكن أن يحدث داخلها
- التهاب الأغشية السحائية
- خراج بالمخ
- تخثر الجيوب الأنفية الجانبية
- استسقاء بالمخ
ج. مضاعفات خارج الجمجمة
- التهاب الأذن الخارجية
- خُرّاج خلف الأذن
يمكن إضافة امتداد الالتهاب إلى الأذن الداخلية ليسبب مرض الدوار الدهليزي
علاج مضاعفات التهاب الأذن الوسطى
في أغلب تلك الحالات، يجب حجز المريض بالمستشفى لتلقي العلاج اللازم نظراً لخطورة الحالة ووجود احتمالية للوفاة في حال أُهمل العلاج، مع استمرار إجراء تحاليل صورة الدم الكاملة وسرعة الترسيب لمتابعة استجابة المريض للعلاج.
في البداية، تُركّب كانيولا للمريض لتلقي محاليل عبر الوريد حيث يبدأ العلاج مباشرة بالمضادات الحيوية واسعة المجال بدون تحديد، ثم تُجرى مزرعة لتحديد نوع البكتيريا المسببة للمرض وبعد ذلك يُحَدَّد المضاد الحيوي المناسب لذلك النوع من البكتيريا على ضوء نتيجة المزرعة.
في الغالب يبدأ العلاج باستخدام "فانكوميسين" المضاد الحيوي واسع المدى لحين ظهور نتيجة المزرعة وهي تستغرق بضعة أيام.
المضادات الحيوية من نوع "كيفالوسبورين - الجيل الثالث" التي تُعطى عن طريق الحقن في الغالب هي الحل الأفضل غالباً في المضاعفات التالية:
- التهاب عظمة الخشاء
- التهاب الأغشية السحائية
- خراج المخ والأغشية المحيطة
تضاف مدرات البول والمانيتول للضرورة في حالة حدوث مضاعفات داخل المخ لتقليل ضغط المخ الداخلي الناتج عن القيلة المائية، ومع ذلك فإن العلاج الحقيقي لتلك الحالة لا يمكن أن يتم إلا عن طريق فتح الجمجمة عن طريق عظمة الخشاء وإزالة الأنسجة المتراكمة.
معظم الحالات التي تمتد المضاعفات فيها إلى داخل المخ تحتاج إلى أسبوعين على الأقل من العلاج بالمضادات الحيوية عبر الوريد في المستشفى (2-3 أسابيع)، ثم يُستكمل العلاج بالمضادات الحيوية الأقراص (أوجمنتين أو سيفوروكسيم) لمدة 7-10 أيام على الأقل في المنزل بعد الخروج من المستشفى.
العلاج بالجراحة
توجد العديد من العمليات الجراحية التي تُجرى في حالات المضاعفات المختلفة من بينها:
- عملية ثقب الطبلة: يتم شق الطبلة في حالات التهاب عظمة الخشاء والدوار الدهليزي وشلل العصب السابع لإزالة النسيج المحبب المتراكم (صديد ومشتقاته) وأيضاً لأخذ عينة منها وعمل مزرعة لتحديد الميكروب المسبب وذلك يساعد في العلاج.
- عملية شق النتوء الحلمي: في حال التهاب عظمة الخشاء أو وجود خراج في المخ أو في الأغشية
- عمليات المخ: في الحالات المتقدمة من مضاعفات المخ يُلجأ إلى جراحي المخ والأعصاب